کد مطلب:306555 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:198

همسات و عجب


ما تحمل الاب ان یری حبیبته و مهجته بهذا العذاب البطیئ.

.. فمد بیده التی تقطر بطیب المسك، لتكسر خواطر زهرائه.. فیجتذبها بیدیه الرفیقتین لیسر لها بأمر آن اوان ذیوعه فقال لها، و كأن الذهب یجری فی تراقیه:

- (ان جبرائیل كان یعارضنی بالقرآن فی كل سنة مرة، و انه عارضنی هذا العام مرتین، و ما اری إلّا و قد حضر أجلی).. فما كاد النبی صلی اللَّه علیه و آله و سلم ان ینهی كلامه، حتی رأی ابنته اوشكت أن تصعق و تموت بین یدیه؛ لهول ما سمعته.. فأجهشت ببكاء مُر لاذع اندفع من عمیق قلبها.

فكأن دماءه تجمدت و غاصت فی داخله فتربدت معانیها، واخذت لوعة تسری فی روحها ما تلبث إلّا أن تردد انیناً و شهیقاً.

فلما رأی النبی هذا الجزع لفراقه، و عدم طاقه ابنته لمواصلة الحیاة من بعده، اشفق علیها و مد بیده مرة اُخری، و قرب بشفتیه الشریفتین إلی اُذنیها و اسرّ لها قائلاً: «انكِ أول أهل بیتی لحوقاً بی، و نعم السلف انا لك، الا ترضین ان تكونی سیدة نساء العالمین». [1] .

.. عندها اشرق وجه فاطمة كالشمس، واخذ یتلألأ نوره، و ما كادت شفتاها


المرتجفتان حتی افترتا عن بسمات فیاضة بالبشر والرضا تدفع عنها اساها لانها لن تلبث إلّا قلیلاً، ثم تلحق بأبیها.. و لیس علیها من هم؛ إلّا لطول الفراق.

.. و هذا ما یعجب منه كل راءٍ لهذا الموقف، اذ تهامست الالسن فاغرة الافواه تعجباً و اندهاشاً.

(فما رؤیَ كالیوم فرحاً أقرب من حزن). [2] .

هذا ما قاله عائشة حینما احفت فاطمة بالسؤال عما اسره لها رسول اللَّه.

.. لكن هیهات لتلمیذة الرسالة و ربیبة الرفعة بل روح المصطفی ان تبیح بما أسرَّ لها و هی الزهراء المعصومة، بل اجابتها بدموع عینیها:

(ما كنت لاُفشی علی رسول اللَّه سره).



[1] و عن خبر طويل ترويه لنا عائشة كان في آخره (ان رسول الله قال لفاطمة): «ألا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين» أو «سيدة نساء هذه الامة» أو «سيدة نساء المؤمنين» أو «سيدة نساء أهل الجنة»، و قد نقل هذا: ابن الاثير في اسدالغابة ج 5 ص 522- 574، ابن ماجة في صحيحه فيما جَاء في ذكر مرض رسول اللَّه صلي اللَّه عليه و آله و سلم، أبوداود الطيالسي في مسنده ج 6، في أحاديث النساء، الترمذي ج 2 ص 206، محب الدين الطبري في ذخائره ص 43، النسائي في خصائصه ص 34، مستدرك الحاكم ج 3 ص 156، الطحاوي في مشكل الآثار ج 1 ص 48، مسند أحمد ج 6 ص 282 و ج 5 ص 391، طبقات ابن سعد ج 2 ص 40، كنزالعمال ج 6 ص 217 و ج 7 ص 111- 153، كما و قد ذكره جمع غفير من علماء الشيعة.

[2] و ممن روي ذلك: كنزالعمال ج 7 ص 111، الطيالسي في مسنده ج 6، ابن ماجة في صحيحه، صحيح البخاري في كتابه «بدء الخلق»، أحمد ابن حنبل ج 6 ص 282، النسائي ص 34، ابن الاثير في اسدالغابة ج 5 ص 522، ابن سعد في طبقاته ج 2 ص 40.